في ثالث أيام المسابقة الرسمية لمهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، شكل الفيلمان اللذان عرضا أمس مرآة لأوجاع مجتمعات إفريقية تشدها ذاكرة العنف والحرب أو حاضر التمزق وعدم الاستقرار.
"معركة تاباتو" لجواو فيانا من غينيا بيساو و "سم دوربان" للمخرج الجنوب إفريقي أندرو وورس دال، فيلمان مختلفان رؤية وأسلوبا وجنسا فيلميا، لكن يجمعهما هاجس تشخيص أعطاب تعطل حركة المجتمع وتعرقل نجاح مسلسل الانتقال نحو الانسجام الاجتماعي والتخلص من الخوف والعنف.
بالأبيض والأسود، برمزية مكثفة وتغلغل في الطقوس التقليدية والذاكرة الجماعية، يتناول جواو فيانا في فيلمه الطويل الأول ذكريات حرب الاستقلال في تقابل مع واقع الاضطراب السياسي المستدام الذي تعبر عنه انقلابات متواترة.
بعد ثلاثين سنة من المنفى، يقبل "بايو" العودة إلى غينيا بيساو لحضور حفل زفاف ابنته "فاتو" بالمغني الشهير "ادريسا" في قرية "تاباتو" التي تعد مهد تراث موسيقي عريق لأقلية عرفت بدورها في الحفاظ على السلم بالبلاد. يستعيد الأب العائد ذكرياته في حرب الاستقلال ضد البرتغاليين، بينما ينكب ادريسا على خوض تحدي القضاء على أشباح الحرب. ولتجمع الموسيقى شتات أبناء الوطن.
الصمت والجاذبية التشكيلية للمشاهد والحوار الذي يجمع البساطة والإيحاء سمات ميزت الكتابة السينمائية لهذا الفيلم الذي يمتد على ساعة و 23 دقيقة.
أما "سم دوربان" فأوفى بوعد عنوانه النافذ. يسلط الفيلم الضوء على الحالة المعيشية لطائفة من السكان البيض وجدت نفسها على هامش المجتمع، خصوصا بعد تحولات ما بعد الأبارتهايد، حيث يبدو الرقي الاجتماعي لشرائح واسعة من السود المضطهدين لقرون، كما لو تحقق على حساب بعض أبناء أقلية البيض.
وقد فضل المخرج تشخيص واقع هذه الشريحة من خلال قصة جد شخصية، لعلاقة حب تجمع رجلا وامرأة، ينحدران معا إلى درك الجريمة في حي هامشي بدوربان، يصبح مسرحا لتحقيق بوليسي في جرائم قتل.
والفيلم، الذي يدور في ساعة و35 دقيقة، يعكس نضجا سينمائيا كبيرا، وتمكنا من الأدوات التعبيرية والسردية، علما أنه حاز على جوائز عدة وقوبل بترحيب مهم في المهرجانات التي شارك بها.
يذكر أن الفيلمين يشاركان في مسابقة الدورة 17 لمهرجان خريبكة، التي تختتم يوم 21 يونيو الجاري، ضمن قائمة من 14 فيلما تمثل 13 دولة.
تعليقات:
